تقارب كبير وتعايش بين الشعبين المصري واليمني

صحيفة الأهرام العربي – مصر
2018.11.11

يحرص كثير من اليمنيين على اللجوء إلى مصر بعد نشوب الحرب الدائرة على أرض اليمن، (الذى نتمنى أن يعود سعيدًا، بوحدته وقوة شعبه) منهم من يختار استكمال دراسته التى بدأها على أيدى مدرسين مصريين، ولعل كثيرا منهم يفضل الالتحاق بجامعات مصرية للحصول على درجاتهم العلمية بها. فى السطور التالية نستعرض قصص حياة بعض اليمنيين فى مصر وما يشعرون به ومطالبهم.

“زكريا الدهوه” شاعر وكاتب مقيم مع أسرته فى مصر منذ نهاية عام 2012 ، جاء فى منحة دراسية “تبادل ثقافي” انتهت فى العام الماضى بحصوله على الماجستير، ثم تم منحه أخرى عام 2018 / 2019 للحصول على درجة الدكتوراه، وهو متفرغ للدراسة والكتابة، ويدين بالفضل للمدرسين المصريين الذين تعلم على أيديهم فى المراحل التعليمية المختلفة، بدءًا من الابتدائية والإعدادية ثم الثانوية، ثم جاء لاستكمال التعليم ما بعد الجامعى فى مصر.

ويذكر “الدهوه” أن المعيشة فى مصر واليمن متشابهة، ليس فى التعليم على أيدى المصريين فحسب، بل فى تشابه العادات والتقاليد ، والتميز بالبساطة فى التعامل، مشيرا إلى أنه يعيش فى المنوفية كأنه بين أسرته وأهله، للتقارب بين المجتمعين.

ويؤكد أن هناك تكافلا بين اليمنيين، ويتعاونون معًا ويعيشون فى مجتمع متكامل، كما أن المغتربين فى الخارج يسهمون بإرسال مبالغ للطلبة ومساعدتهم فى تكاليف المعيشة، مؤكدًا أن مصر منذ الأزل حاضنة للجميع.

أما “أبها عقيل” التى كانت تعمل مذيعة بالفضائية اليمنية قبل الحرب، والآن مقيمة وأسرتها فى مصر منذ عام، تحمد الله أن حالتها ميسورة لحد ما، وزوجها يعمل صحفيا يراسل عددا من المواقع الإلكترونية، تحاول تحسين وضعها والبحث عن فرصة عمل، وحتى الآن لم تلجأ إلى معونة منظمة اللاجئين، وتثير مشكلة اختلاف تعليم ابنها فى مصر عن اليمن لظروف الحرب، ولم تعرف معنى أن “مصر أم الدنيا” إلا بعد الحياة بها والاحتكاك بأهلها.

ويستكمل زوجها الشاعر والصحفى اليمنى “فتحى أبو النصر” قائلاً: بعد أن أصبح “الكلاشينكوف هو أداة الإنتاج الوحيدة فى اليمن، وكل الصحف توقفت، سعيت إلى الخروج عبر عدن وعمان إلى بيروت وانتظار تأشيرة مصر، وبيع أثاث شقتى فى صنعاء والاستدانة لاستيفاء قيمة التذاكر لعائلتي، واستأجرت شقة فى القاهرة، لأجد المصريين من أرقى وأطيب شعوب الأرض –على حد وصفه- ووجدهم أهل مروءة وشهامة وأصالة، فشكرًا لمصر “أم الدنيا”، التى تفتح مدارسها لأبناء اليمنيين ومعاملتهم كأبناء المصريين.

ويختتم “إبراهيم الجهمي” – ملحق شئون المغتربين بالسفارة اليمنية فى مصر – قائلاً: أولاً: لا توجد إحصائية دقيقة لأعداد الجالية اليمنية فى مصر، وإنما مؤشرات تقريبية ، تقول إن العدد فى حدود 250 ألف مواطن يمني، معظمهم رجال أعمال ومسئولون سابقون، وأسر لمغتربين يمنيين فى دول الخليج وبعض دول أوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى مرضى وطلاب دارسين.

لدينا أكثر من ألفى طالب يدرسون على نفقة الدولة، ومبعوثين فى جميع التخصصات التعليمية، فى معظم الجامعات المصرية، وبسبب الأوضاع التى يشهدها اليمن قد تتأخر مخصصاتهم المالية، لكنها لم تنقطع ولن تنقطع، لحرص الدولة على استمرار العملية التعليمية، كونها الأمل المنشود لليمن، ويشمل المبعوثين الذكور والإناث، وإن كان غالبية الطلاب من الذكور، لظروف الغربة والسفر وطلبة البعثات، الذى يشكل عائقًا لدى معظم الإناث من تحمل مشقات وتبعات ذلك، ومع هذا لا تقل نسبة الطالبات عن 20 % من إجمالى البعثة الطلابية.

وعن المشاكل التى تواجه اليمنيين فى مصر، يقول الجهمى: إن أكبر المشاكل التى تواجه الجالية اليمنية فى مصر هى تنظيم الإقامة لهم فى مراكز وأقسام الجوازات، حيث إن تنفيذها يتأخر كثيرًا نظرًا للازدحام أمام مكاتب وأقسام الجوازات، وكثير من الشكاوى ترد إلينا بذلك الخصوص.. وحقيقة هناك تواصل من قِبلنا مع الجهات المختصة، ولمسنا تجاوبا كبيرا ووجدنا تحسنا فى التعامل من بعض الأقسام.

ويستكمل قوله: إن من ضمن المشاكل القائمة تأخير البت فى طلبات تسجيل عقود تملك العقارات، التى تصل إلى عدة سنوات، وتلك مسألة مهمة أتمنى إعادة النظر بشأن تسهيل وتعجيل الموافقات المتعلقة بذلك وإيجاد حلول جاذبة للاستثمار العقاري.

أما “عارف العزعزى” – يمنى مقيم فى مصر، يُعد رسالة الدكتواره فى الميكروبيولوجى بكلية علوم جامعة عين شمس- يشكر مصر على التسهيلات التى تقدمها لليمنيين، ويتمنى أن تحل مشكلة توثيق عقد الإيجار واستبداله بخطاب من السفارة لتسهيل الإجراءات.

يؤكد أن معظم مشاكل اليمنيين فى مصر تتعلق بإجراءات الإقامة، التى يتم تجديدها كل ستة شهور، كما أن من متطلبات الإقامة تقديم عقد إيجار سكنى موثق فى الشهر العقارى، فضلاً عن رسوم هذه الإقامة للفرد الواحد فى الأسرة، التى تبلغ 1150 جنيها كل ستة شهور، فنرجو من السلطات المصرية مساعدتنا فى هذا الشأن.

يذكر “العزعزي” أن الحكومة المصرية تمنح اليمنى إقامة مجانية فى الستة شهور الأولى له توثق على جواز سفره، ويكون غير مطالب فى أثنائها بتقديم عقد إيجار أو أى شيء، وينوه إلى أن المرضى اليمنيين تسهل لهم الحكومة المصرية الدخول دون تأشيرة، ويسمح لهم الدخول بتقرير طبي، فهذه ميزة إيجابية يشكر المسئولون المصريون عليها.

ويتفق معه “توفيق الفلاح” مقيم فى مصر منذ أربع سنوات، يعد حاليًا رسالة الدكتوراه فى “تكنولوجيا التعليم والمعلومات”، ويطرح مسألة دخول أبنائهم المدارس التى كانت مشكلة إلى أن سمح وزير التربية والتعليم أخيرا لليمنيين والسوريين بأن يعاملوا مثل المصريين فى الالتحاق بالمدارس الحكومية، ويشكر الحكومة المصرية على هذا الموقف الإيجابى النبيل.

ويعرب عن سعادته للعيش فى مصر كأنها بلده، ولا يشعر بأى غربة بين الشعب المصرى الودود، ودائمًا يشارك فى الدورات والمؤتمرات ويتعامل اليمنى معاملة المصرى نفسه، وقد شارك “توفيق الفلاح” كمراقب دولى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضمن 25 مراقبا من شتى أنحاء العالم، وتم اختياره سفيرا للسلام فى العالم، وشارك فى منتدى شباب العالم فى شرم الشيخ، كما مثّل اليمن فى مؤتمر الشباب فى عام 2015 بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويقر “الفلاح” بموقف مصر الداعم لليمن، ولا ينسى ما قدمته من شهداء حرب للدفاع عن اليمن، وهناك مواقف كثيرة بين البلدين، فمصر أم الدنيا.